TodayPic

مجلة اخبارية

الاقتصاد

«الشال»: ما ذكره البراك لـ «الراي» حول رؤية كويت 2035 صحيح… لكنه دون الواقع


– أهداف الرؤية لم تأت عن قناعة بل خوفاً من تداعيات هبوط أسعار النفط منذ 2014
– الحكومة اضطرت للاقتراض مقابل تقديمها خطة إصلاح اقتصادي لم تلتزم بأي من مستهدفاتها
– النفقات الجارية ارتفعت وطوابير الباحثين عن عمل زادت وبيئة الأعمال طاردة
– استقرار الحكومات لم يتحقق والعلاج بالخارج الفاسد في معظمه قائم
– الإقرار بالفشل حدث مع كل خطط التنمية ومصير رؤية 2024 / 2040 قد يكون نفسه
– مقترحات نيابية شعبوية توجه ضربة قاضية لاستدامة المالية العامة وتجد قدوة سلبية من فريق حكومي

تناول مركز الشال للاستشارات الاقتصادية في تقريره الأسبوعي ما ذكره نائب رئيس الوزراء وزير النفط وزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار وزير المالية بالوكالة، الدكتور سعد البراك، في لقائه الصحافي مع جريدة الراي، بأن رؤية كويت 2035 لم تحقق شيئاً ملموساً من أهدافها، منوهاً إلى أن ما قاله البراك لـ«الراي» نقد صحيح ومستحق، ولكنه دون الواقع.

ولفت التقرير إلى أن المستهدفات الخمسة للرؤية هبطت اليوم إلى ما دون مستواها في بداية عام 2017، موضحاً أن المستهدفات التي تم استعراضها في مركز جابر الثقافي في يناير عام 2017، لم تأت عن قناعة، وإنما جاءت نتيجة خوف من تداعيات هبوط متصل في أسعار النفط منذ خريف عام 2014، اضطرت معه الكويت إلى الذهاب إلى أسواق المال العالمية من أجل الاقتراض، مقابل تقديمها خطة إصلاح مالي واقتصادي، وبعدها لم يتم الالتزام بأي من تلك المستهدفات على الإطلاق.

وأضاف «الشال» في تقريره أن أولى المستهدفات هي «إدارة حكومية فاعلة»، مشيراً إلى أنه منذ ذلك التاريخ تشكلت في الكويت 10 حكومات، في حين أن الوزراء التسعة زائداً رئيس الوزراء ونوابه الذين استعرضوا تلك المستهدفات في يناير 2017، لم يعودوا ضمن الحكومات الأخيرة، أي أنه حتى استقرار الحكومات وليس فعاليتها، لم يتحقق.

وأفاد بأن ثاني المستهدفات «اقتصاد متنوع مستدام وبيئة معيشية مستدامة»، بينما الاقتصاد لا يزال يُولّد بنسبة 70 في المئة من قطاع عام ضعيف الإنتاجية عالي التكلفة، وزادت نسبة العمالة المواطنة فيه لتبلغ 84 في المئة من إجماليها، وهبطت لدى القطاع الخاص، ولا يزال النفط يموّل 90 في المئة من النفقات العامة، وارتفع الإنفاق العام من مستوى 20 مليار دينار إلى 26.3 مليار ما بين موازنة ذلك العام والموازنة الحالية، وارتفعت النفقات الجارية ضمنه إلى نحو 90 في المئة، وزادت طوابير الباحثين عن عمل، وأصبحت بيئة الأعمال طاردة للاستثمار المباشر المحلي والأجنبي، وكلها مضادات للاستدامة.

وتابع التقرير: «المستهدف الثالث هو (تحقيق رعاية صحية عالية الجودة)، في حين أن الإنفاق على الخدمات الصحية في الكويت من أعلى مستويات الإنفاق في العالم، ولا يزال الهروب من تلك الخدمات إلى العلاج في الخارج الفاسد في معظمه، قائم، وما زال الهروب من الخدمات المجانية لمثل مشروع عافية وإضافاته قائم، ولا يزال الاختلال كبيراً بين نسبة المحسوبين من التقنيين على تلك الخدمات إلى غيرهم من الإداريين لصالح الفئة الأخيرة».

وذكر التقرير أن المستهدف الرابع «تأسيس بنية تحتية متطورة»، مبيناً أنه «مجرد عقد مقارنة بين المستوى والكلفة والمدى الزمني لإنجاز تلك البنى مقارنة بدول الجوار كاف للحكم على مدى تخلفها ومدى فسادها، حتى أننا استدعينا سفراء دول لإعانتنا على إصلاح طرقنا، وما زلنا عاجزين عن ردم حفرها»، أما خامس المستهدفات «تعزيز رأس المال البشري الإبداعي»، ففي برامج الحكومات منذ ذلك الحين بند يقر بأن التعليم العام متخلف 4.8 سنة، والجامعة العامة الوحيدة خرجت من التصنيف، وهناك تهم غش طالت نحو 40 ألف متورط، والمخفي أعظم، ومعظم فرص العمل لمخرجات ذلك النظام اصطناعية وليست سوى بطالة مقنعة غير مستدامة.

وأفاد التقرير: «ما حدث قد حدث، والإقرار به أمر طيب، ولكن، الإقرار بالفشل حدث سابقاً مع كل خطط التنمية التي سبقت تلك الرؤية، وقد يكون مصير رؤية 2024 – 2040 هو المصير نفسه. فما يحدث في الكويت هو الغياب التام للعمل المؤسسي، أي العمل المرتبط بمشروع الدولة المستدامة. وصحيح أن استقرار الإدارة العامة أو الحكومات أمر مهم، لكنها رؤى لا تزول بزوال الأشخاص الذين قدموها، وإنما بتسليمها لمن هم أكثر كفاءة وحرصاً من أجل استكمالها».

الدَّين العام

وأشار «الشال» إلى أن البراك ذكر في لقائه مع «الراي» ما معناه أن الدين العام أداة تمويل ضرورية واللجوء إليه ضمن مستهدفات برنامج الحكومة لمواجهة احتياجاتها المالية، موضحاً أن ذلك صحيح من الناحية النظرية، ولكنه محكوم بشرطين، الشرط الأول، مالي، وهو أن تقل تكلفة الحصول على التمويل عن ما تحققه الجهة المقترضة من عائد على استثماراتها، والشرط الثاني اقتصادي، وهو أن العائد من استخدامات تلك الأموال، إما أنه يحقق عائداً مالياً أعلى من تكلفته، أو أنه يحقق عائداً اقتصادياً بائناً، مثل خلق فرص عمل مواطنة مستدامة أو إنتاج سلعي أو خدمي متفوق نوعاً وسعراً، في حين أن ذلك ليس حال الكويت تاريخاً وحاضراً.

وأضاف التقرير: «ذكرنا أن (رؤية الكويت 2035 – كويت جديدة) جاءت بعد لجوء الكويت للاقتراض من السوق العالمي، والواقع أن الفريق المالي الكويتي وبناء على طلب من المقرضين استعرض نوايا الإصلاح المالي والاقتصادي لهم، ونكث بكل وعوده. وفي 8 سنوات فقط، حققت الموازنة العامة عجزاً متراكماً بلغ نحو 41.8 مليار دينار، صاحبها استهلاك كامل سيولة صندوق الاحتياطي العام، وبحلول صيف 2020، صرح وزير المالية الكويتي آنذاك بأنه قد يعجز خلال شهرين عن سداد الرواتب والأجور، رغم وقف تحويل الـ10 في المئة من جملة الإيرادات العامة لصالح احتياطي الأجيال القادمة، ورغم بيع أصول محلية من الاحتياطي العام لاحتياطي الأجيال القادمة».

وبيّن أنه في الحاضر، ارتفعت النفقات العامة للسنة المالية الحالية 2023 /2024 بنحو 11.7 في المئة في سنة واحدة، وذهبت الزيادة إلى نفقات جارية رفعت من نسبتها إلى إجمالي النفقات العامة إلى سقف غير مسبوق، وبحدود 90 في المئة، لافتاً إلى أنه رغم أن أهم أهداف برنامج الحكومة الحالية هو استدامة المالية العامة، إلاّ أن سيلاً من مقترحات شعبوية من بعض النواب تعمل على توجيه ضربة قاضية لها.

وأفاد التقرير بأن «ذلك للأسف يجد منافسة وقدوة سلبية من فريق حكومي، فهناك وزراء يتكسبون شعبوياً من وعود وإقرار المكافآت والعطايا، والشق المالي خارج اختصاصهم، بينما تفترض الحوكمة ألا يقدم أي وعد أو اقتراح ما لم يقره وزير المالية ووزير الاقتصاد».

خلاف الدَّين العام ليس على المبدأ بل حول استخداماته

خلص «الشال» إلى أن الخلاف حول إقرار أو عدم إقرار قانون الدين العام، ليس خلافاً على المبدأ، ولكنه خلاف حول الاستخدامات، موضحاً أن «التاريخ والحاضر يوحي بأن استخدامات أي أموال تحصل عليها الحكومة، ستؤدي إلى تقويض احتمالات استدامة الاقتصاد واستدامة المالية العامة، وكلنا يعرف حجم المخاطر على استقرار البلد المترتبة على عدم استدامتهما».



Source link

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *