TodayPic

مجلة اخبارية

الاقتصاد

42 في المئة من تلوّث الهواء في الكويت بسبب توليد الطاقة والنفط


بعد عامين من تحليل للهواء والغبار في الكويت لمعرفة مصدر التلوث، أجراه زميل جامعة هارفارد تي.إتش وكلية تشان للصحة العامة الباحث براك الأحمد مع فريقه، تبين أن 40 في المئة فقط يأتي من الصحراء، في حين أن 42 في المئة يأتي من مصادر من بينها محطات توليد الطاقة، وقطاع النفط.
ووفقاً للدراسة التي أعدها الفريق ونشرها موقع «بي بي سي»، فإن النسبة المتبقية من التلوث تسهم فيها المستويات العالية لحركة المرور في البلاد.
وذكر التقرير، الذي فصّل مخاطر إنتاج النفط على صحة الملايين في الشرق الأوسط، أنه غالباً ما يُعزى الهواء الملوث في مناطق في دول الخليج إلى العواصف الترابية المنتظمة في المنطقة، بيد أن الأحمد، قال إن هذا ليس هو الحال بالضرورة.
وأضاف لـ«بي بي سي»: «تلوث الهواء هذا ناتج من أنشطة بشرية، ويمكننا تنظيمه، والحد منه، بل في الواقع يمكننا القضاء عليه»، موضحاً أن «جسيمات الرئة (PM2.5) تدخل مباشرة (إلى رئتيك) في ذلك النسيج الرقيق ومجرى الدم. وبمجرد دخولها مجرى الدم، تصل إلى جميع أعضاء جسمك».
وأفاد الأحمد: «تدخل إلى الكليتين، والمخ، والقلب، وكل مكان، وهو ما قد يؤدي إلى نوبات ربو. وعند وصول هذا الملوّث إلى مستويات معينة في الجسم، قد يشكل خطراً على الحياة».
بدوره، قال المهندس عبدالرحمن العميري، الذي يبلغ من العمر 39 سنة، ويقيم مع أسرته في الكويت ولديه طفلان يعانيان من الربو، إن ابنه جاسم، 6 سنوات، إصابته أشد من الطفل الآخر، إذ سبق أن ذهب للمستشفى أكثر من مرة لتلقي العلاج و«المرة الأولى التي أصيب فيها جاسم بنوبة ربو، لم يكن قادراً على التنفس وتغيّر لون بشرته إلى اللون الأزرق».
وذكر التقرير أن «الملايين من الأشخاص في دول الشرق الأوسط يتعرضون لخطر الإصابة بأمراض بسبب الملوثات السامة التي تنتج عن عملية حرق الغاز»، لافتا إلى أن «عملية حرق الغاز تحدث أثناء الحفر لاستخراج النفط في جميع دول الخليج.
وذكر أن «دراسة جديدة خلصت إلى أن التلوث ينتشر لمئات الأميال، ما يؤدي إلى سوء جودة الهواء في جميع أنحاء المنطقة».
ونقل التقرير عن شركات نفط تعمل في المواقع، من بينها«بريتش بيتروليم»(بي بي) و«شل»، أنها تعمل على الحد من ممارسة حرق الغاز، لافتا إلى أنه«على الرغم من إمكانية تجنب إحراق الغاز، عبر الاحتفاظ به واستخدامه في توليد الكهرباء أو تدفئة المنازل، تستمر هذه الممارسات في مناطق عدة حول العالم».
وتابع التقرير:«ومن الملوّثات التي تنتج عن حرق الغاز (PM2.5) جسيمات الرئة، والأوزون، وثاني أكسيد النيتروجين، والبنزوبيرين (BaP)، والتي في حال ارتفاع مستوياتها أو التعرض المستمر لها قد تكون سبباً في الإصابة بالسكتات الدماغية، والسرطان، والربو، وأمراض القلب، وفقاً لخبراء عالميين، من بينهم خبراء في منظمة الصحة العالمية».
وللتعرف على كيفية انتشار هذه الممارسات في المنطقة، استعانت «بي بي سي» بعلماء من مؤسسة الاستشارات البيئية «أريانيت»، ففي كل مرة يُحرق فيها الغاز، يطلق كمية معينة من الملوثات. وقام العلماء بدمج هذه المعلومات مع أحجام الغاز المشتعل التي يحصلون عليها من تقارير ينشرها البنك الدولي، لتحديد إجمالي التلوث.
بعد ذلك، وضعوا ما توصلوا إليه من معلومات في نموذج محاكاة يقوم على أساس الأحوال الجوية الحالية للوقوف على مدى التغير الذي تشهده في المنطقة.
وأظهرت دراسات أن«الأطفال الذين يتعرّضون لمستويات مرتفعة من هذه المادة الملوثة للهواء أكثر عرضة للإصابة بالربو وصعوبة التنفس المزمنة مقارنة بأولئك الذين لم يتعرّضوا لها».
تلوث من العراق
وأشار التقرير إلى أنه «في حالة الكويت فإن بعض التلوث الناتج عن الأنشطة البشرية يأتي من حرق الغاز في آبار نفط تقع في العراق على بعد 140 كيلو متراً».
ويحتل العراق المركز الثاني عالمياً – بعد روسيا – إذ يحرق نحو 18 مليار متر مكعب سنوياً، وفقاً للبيانات الصادرة عن البنك الدولي. وتكفي هذه الكمية من الغاز لتوفير إمدادات الطاقة لحوالي 20 مليون من المنازل الأوروبية سنوياً. ويُعد المصدر الأكبر في العراق لحرق الغاز هو حقل الرميلة الذي تشغّله شركتا«بي بي» و«بتروتشاينا»، ويقع في جنوبي العراق، على بعد ما يزيد قليلاً على 30 كيلومتراً من الحدود مع الكويت.
ويرجح البحث الذي أجرته «بي بي سي» أن أحد ملوّثات الهواء المسببة للسرطان، مركب البنزوبيرين (BaP)، والذي ينتشر في الهواء بمستويات في شمال الكويت تتجاوز ما حددته معايير السلامة الأوروبية بعشر مرات.
وتابع التقرير:«في القرى القريبة من مناطق حرق الغاز في آبار العراق نفسه، سجلت مستويات (PM2.5) ارتفاعاً حاداً أيضاً، وصلت إلى ذروتها في الساعة عند 100 ميكروغرام لكل متر مكعب».
ويعد الحد الآمن الذي توصي به منظمة الصحة العالمية هو 5 ميكروغرام لكل متر مكعب. وحتى على بعد 100 كيلومتر في مدينة الكويت، لا تزال المستويات تصل إلى 5 إلى 10 ميكروغرام لكل متر مكعب.
وراجع أستاذ علم الأوبئة غير المتفرغ في جامعة ولاية داكوتا الشمالية أكشايا بهاغافاذولا، الذي لم يشارك في الدراسة التي أعدتها «بي بي سي»، النتائج التي توصل إليها البحث قائلاً: «تسلط هذه الدراسة الأولية باستخدام نماذج الضوء على التأثيرات الكبيرة المحتملة لحرق الغاز على جودة الهواء في منطقة الخليج، لكن لا تزال هناك حاجة إلى عمليات قياس وتحليل إضافية لتحديد الأعباء الصحية بشكل شامل».
وأشار التقرير إلى أنه «في 2013، أسست الحكومة العراقية بالتعاون مع عملاق النفط (شل) شركة البصرة للغاز للاحتفاظ بالغاز الذي ينتج عن استخراج النفط من أكبر ثلاثة حقول في البلاد، هي الرميلة، والقرنة، والزبير، بيد أنه منذ ذلك الوقت، لا يزال حرق النفط يسجل مستويات مرتفعة في العراق، بل ارتفع إلى مستويات أعلى في حقلين من الثلاثة، وفقاً للبيانات الصادرة عن البنك الدولي».



Source link

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *