TodayPic

مجلة اخبارية

الاقتصاد

98 في المئة تأثير سياسة «الفيدرالي» على سعر الصرف الحقيقي… للدينار


– «الفيدرالي» يؤثّر كويتياً بـ:
– 93 في المئة على الصادرات والواردات
– 67 في المئة على الناتج المحلي الإجمالي
– 93 في المئة على فجوة المعروض النقدي
– 98 في المئة على صافي الأصول الأجنبية
– 100 في المئة على الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة

أصدر صندوق النقد العربي دراسة بعنوان «أثر تشديد السياسات النقدية في الدول المتقدمة على القطاع الخارجي للدول العربية»، تناولت القنوات التي تنتقل من خلالها التداعيات الخارجية للسياسة النقدية في الدول المتقدمة بشكل عام، كما أشارت إلى التحدي الرئيسي الذي يرافق تحديد نوعية وأهمية هذه التداعيات والمرتبط بكيفية التفاعل بين هذه القنوات.

وفي هذا الصدد، اقترحت الدراسة نموذجاً اقتصادياً يمكّن من رصد كلٍّ من قناة سعر الصرف وقناة الطلب الخارجي وقناة التأثيرات المالية غير المباشرة بشكل مترابط ومتجانس. بعد ذلك، تم استعمال هذا النموذج لتحليل أثر التشديد النقدي لكل من الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي على القطاع الخارجي للاقتصادات العربية.

وحسب البيانات التي ذكرتها الدراسة، فإن أثر السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي الأميركي على سعر الصرف الحقيقي للدينار الكويتي يبلغ 98 في المئة، بينما يبلغ على صادرات الكويت ووراداتها 93 في المئة، وعلى الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة 100 في المئة، وعلى صافي الأصول الأجنبية 98 في المئة، وعلى فجوة المعروض النقدي 93 في المئة، وعلى الناتج المحلي الإجمالي 67 في المئة.

استجابة مثلى

وعموماً، خلصت الدراسة إلى أن تشديد السياسة النقدية في الدول المتقدمة يضع الاقتصادات العربية في موقف معقد نسبياً فيما يتعلق بإستراتيجيات الاستجابة المثلى، وقد تكون هناك حاجة إلى تدابير على مستوى السياسات الاقتصادية تتجاوز التعديلات النقدية لمواجهة الآثار السلبية لهذه التغييرات النقدية الخارجية.

وأضافت أن الدول العربية تواجه تحدياً كبيراً كونها تمنح هوامش محدودة لتبني سياسات داعمة للنمو دون المخاطرة بالاستدامة والاستقرار الاقتصاديين في ظل ارتفاع مستويات الدين العام وأسعار الفائدة في الأسواق الدولية.

وفي ظل هذه الظروف، تبقى الفرص التي تتيحها الإصلاحات النوعية الهادفة إلى تعزيز مرونة هياكل الاقتصادات العربية فيما يتعلق بالاستجابة للمخاطر الخارجية وتحسين بيئة الأعمال، من أفضل الخيارات المتاحة للتخفيف من آثار التشديد النقدي في الدول المتقدمة.

وبناءً على نتائج الدراسة، يمكن تقسيم أثر تشديد السياسات النقدية في الدول المتقدمة على القطاع الخارجي للدول العربية إلى مرحلتين، مرحلة استقرار نسبي لمؤشرات القطاع الخارجي للاقتصادات العربية تدوم نحو السنتين ومرحلة تراجع تليها مباشرة.

وتتميز المرحلة الأولى باستقرار نسبي لأسعار الصرف والصادرات والواردات والتدفقات الاستثمارية الأجنبية ومعها صافي الأصول الأجنبية، لكن في المقابل يتسبب رفع أسعار الفائدة في الدول المتقدمة في تراجع المعروض النقدي في الدول العربية، ما يساهم في تثبيط النشاط الاقتصادي وتراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي.

وتنطلق المرحلة الثانية من التأثير ابتداءً من السنة الثالثة التي تلي التشديد النقدي للدول المتقدمة، حيث يؤدي تراجع النشاط الاقتصادي الدولي إلى تراجع الصادرات، ويساهم مع تراجع قدرة الاقتصادات العربية على توفير العوائد الاستثمارية نفسها في انخفاض التدفقات الاستثمارية الأجنبية وأسعار الصرف الحقيقية.

وتتراجع واردات الدول العربية كذلك، لكن هبوطها يبقى أقل نسبياً من انخفاض الصادرات، ليضاف ذلك إلى هبوط التدفقات الاستثمارية الأجنبية ويؤدي إلى انخفاض صافي الأصول الأجنبية.

مستويات التضخم

وبينت الدراسة أن دولاً متقدمة عدة تبنت توجهاً تشددياً للسياسة النقدية في 2022 واستمر ذلك خلال 2023 جرّاء التطورات الاقتصادية الدولية في أعقاب ارتفاع مستويات التضخم والتي نشأ عنها ارتفاع كبير في أسعار الطاقة والغذاء، ما زاد حدة الضغوطات التضخمية الناتجة عن اضطراب سلاسل الإمداد العالمية بسبب جائحة كوفيد 19 والإجراءات التحفيزية الداعمة للطلب التي رافقتها.

ويثير هذا التوجه مجموعة مخاطر بالنسبة لاقتصادات الدول العربية في ضوء إمكانية انتقال تأثير التشديد النقدي في الدول المتقدمة إلى الاقتصادات العربية عبر قنوات مختلفة، إذ إن تراجع الطلب الخارجي المترتب عن هذا التشديد قد يؤثر سلباً على مستوى صادرات الدول العربية.

من جهة أخرى، فإن تراجع النشاط الاقتصادي في الدول المتقدمة بفعل التشديد النقدي وارتفاع الضغوطات على مستوى الأسواق المالية الذي يتسبب فيه، قد يؤثر سلباً على التدفقات الاستثمارية نحو البلدان العربية. كذلك، قد يخلق التشديد النقدي في الدول المتقدمة تحديات لاستدامة الاحتياطات الأجنبية واستقرار أنظمة سعر الصرف في الدول العربية، دون إغفال تأثير كل ذلك على مستويات النمو الاقتصادي، وإذا اقترن ذلك بظروف اقتصادية داخلية غير مواتية وسياسات اقتصادية غير مناسبة فقد يؤدي إلى أزمات حادة.

تطورات متباينة

وتشير معطيات البنك الدولي إلى تطورات متباينة للمؤشرات الاقتصادية للمنطقة العربية تزامناً مع موجة التشديد النقدي خلال 2022، والذي شهد ارتفاعاً لأسعار الفائدة الرئيسية في الدول المتقدمة بنسب تجاوزت أحياناً مئة نقطة أساس، فيما تراجعت نسبة الصادرات إلى الناتج المحلي الإجمالي على مستوى الاقتصادات العربية في 2022 مقارنة بعام 2021، وحتى بالفترة قبل جائحة كوفيد – 19.

من جهة أخرى، تحسّنت نسب الميزان الجاري وصافي الحساب الرأسمالي والمالي إلى الناتج المحلي الإجمالي بشكل ملحوظ خلال 2022، ما أدى إلى تحسن في مستوى الاحتياطيات الأجنبية، كما أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الحقيقية على مستوى الاقتصادات العربية لم يتأثر بشكل كبير.

وتوحي القراءة الأولية لهذه المؤشرات إلى كون الأثر العام للتشديد النقدي في الدول المتقدمة على الدول العربية يبدو محدوداً نسبياً، لكن تزامن هذه التطورات مع تشديد السياسات النقدية في الخارج لا يعني بالضرورة تواجد علاقة فيما بينها، فقد يتزامن هذا التشديد مع مؤثرات أخرى قد يكون لها أثر عكسي يستلزم تأكيد وإظهار الارتباط وفق تحليل أكثر دقة للتمكن من أخذ مختلف قنوات انتقال التأثير بعين الاعتبار وتقييم أثر التفاعل فيما بينها.

كذلك، يصعب القول إن أثر التشديد النقدي في الدول المتقدمة على الدول العربية سينتهي خلال سنة واحدة بصفة عامة، إذ يأخذ الانتقال الكامل لقرارات السياسة النقدية إلى النشاط الاقتصادي وقتاً قد يتجاوز السنتين في بعض الأحيان، وعادة ما يكون الأثر أكبر في النهاية.

اختلاف حسب المؤشرات

أشار تقرير صندوق النقد العربي إلى أن تحليل مدى تأثير التباينات المختلفة بين الدول العربية على النتائج، على أساس الانتماء للدول المصدرة أو المستوردة للنفط وأنظمة سعر الصرف وحرية تنقل رؤوس الأموال، يظهر اختلافاً حسب المؤشرات، منوهاً إلى أن مدى استقرار سعر الصرف الحقيقي ونمو الناتج المحلي الإجمالي يعطيان الأفضلية للدول التي تتبنى نظام سعر صرف غير مرن، إضافة إلى الدول التي تتبنى تشريعات تحد من حرية تنقل رؤوس الأموال والدول المصدرة للنفط.

وأفاد بأن التداعيات السلبية على الاستثمارات الأجنبية والصادرات والقدرة على تقليص الواردات تعطي الأفضلية للدول ذات سعر الصرف المرن والدول التي تسمح بتنقل رؤوس الأموال بحرية. لكن وفي كلتا الحالتين حسب الصندوق، يؤثر التشديد النقدي للاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي سلباً على اقتصادات الدول العربية وخاصة على مؤشرات القطاع الخارجي، ويُشكّل هذا الوضع تحدياً للدول العربية في ما يتعلق بوضع سياسات اقتصادية ومالية مناسبة.

وتبقى صلاحية النتائج المقدرة من هذه النماذج مرهونة بمدى صلاحية الفرضيات المبنية.

تأثير إيجابي على الميزان التجاري للدول النامية

يؤثر تشديد السياسة النقدية في الدول المتقدمة على اقتصادات الدول العربية عبر أكثر من قناة، الأولى هي قناة سعر الصرف والتي من شأنها أن تؤدي إلى أثر إيجابي على الميزان التجاري للدول النامية في حالة رفع الدول المتقدمة لسعر الفائدة.

وحسب الصندوق العربي فإن رفع معدلات الفائدة في الدول التي تتبنى نظام سعر صرف مرن عادة ما يترتب عليه ارتفاع سعر صرف العملة نتيجة ارتفاع الطلب عليها نظراً للعائد الأكبر الذي توفره في الدول المتقدمة، وغالباً ما تزيد نسبة المخاطر السيادية المحدودة من أهمية هذه الآلية، ما يؤدي إلى تراجع تنافسية هذه الدول على مستوى بعض القطاعات.

وقد تستفيد الدول النامية من هذا الوضع وتتمكن من تحسين ميزانها التجاري، ما يكون له أثر إيجابي على ناتجها المحلي الإجمالي.

ويعتمد نموذج «ماندل فليمنج» لتفاعلات السياسة النقدية الدولية في تحليله على هذه الآلية التي هي أساس النظرية الاقتصادية القائلة بأن تشديد السياسة النقدية يؤدي إلى «إثراء الجار» في مقابل «إفقار الجار» الذي قد يترتب عن التحفيز النقدي.

وإضافة إلى قناة سعر الصرف، التي قد تؤثر إيجابياً على الدول النامية في حالة تشديد السياسة النقدية للدول المتقدمة، هناك قناتان إضافيتان عادة ما يكون لهما تأثير سلبي، هما قناة الطلب الخارجي بالنسبة لقناة الطلب، إضافة إلى قناة التأثيرات المالية غير المباشرة الخارجي.

وبالنسبة لقناة التأثيرات المالية غير المباشرة الخارجي، أشار الصندوق إلى أن تشديد السياسة النقدية في الدول المتقدمة قد يؤدي إلى تراجع الطلب الاستهلاكي والاستثماري نتيجة ارتفاع تكلفة التمويل، إذ قد يؤثر هذا التراجع في الطلب سلباً على صادرات الدول النامية وناتجها المحلي الإجمالي نتيجة تراجع واردات الدول المتقدمة.

تراجع ملحوظ لمؤشرات الاقتصادات

قدمت دراسة صندوق النقد العربي توضيحات حول الأثر العام للتشديد النقدي الذي باشرته الدول المتقدمة بداية 2022 على اقتصادات الدول العربية، من خلال نمذجة وقياس أثر انتقال السياسة النقدية للدول المتقدمة إلى اقتصادات المنطقة العربية، وخاصة مؤشرات القطاع الخارجي. واعتمدت هذه الدراسة على منهجية الإسقاطات المحلية التي تتبنى الإطار النظري نفسه لنماذج متجه الانحدار الذاتي الهيكلية، ولكن مع توفير مزايا أفضل من ناحية متانة التقديرات وعدم الحاجة إلى كم كبير من البيانات.

ويُظهر التحليل الكمي لانتقال تأثير التشديد النقدي في الدول المتقدمة إلى الدول العربية أنه يبقى محدوداً في البداية، خصوصاً فيما يتعلق بسعر الصرف والصادرات والواردات والتدفقات الاستثمارية الأجنبية ومعها صافي الأصول الأجنبية.

بالمقابل، يوازي هذا الوضع الذي يدوم نحو سنتين تراجعاً على مستوى نمو الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية بفعل التشديد النقدي الذي يرافقه ابتداءً من السنة الثالثة، وتشهد مؤشرات القطاع الخارجي للاقتصادات العربية تراجعاً ملحوظاً، حيث يتم تسجيل تراجع على مستوى الصادرات والتدفقات الاستثمارية الأجنبية وصافي الأصول الأجنبية وانخفاض في سعر الصرف الحقيقي.



Source link

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *