TodayPic

مجلة اخبارية

الاقتصاد

غرفة «المركزي» لمكافحة الاحتيال مهدّدة بالإغلاق قبل فتحها… ما لم يُشرعِن تجميد الأموال


– نسخ التجربة السعودية ونجاحها محلياً يحتاج لتطبيق تفاصيلها قانونياً وتنظيمياً
– استدامة تطبيق الحماية السريعة للعملاء تتطلّب ضمانات من «المركزي» للمصارف
– تأخر معالجة الثغرات فاقم الاحتيال وضحيته مئات العملاء وعشرات ملايين الدنانير
– القانون يفرض حرية حركة الأموال ويحدّد ضوابط التدخل لمكافحة العمليات محل الاشتباه
– حساسية مصرفية مفرطة من تنفيذ «بلوك» على عملاء يتضح لاحقاً أن الإبلاغ عنهم كيدي

بينما وجه بنك الكويت المركزي اتحاد مصارف الكويت إلى إنشاء غرفة مركزية للتعامل مع حالات الاحتيال المالي الإلكتروني، يبدو أن الغرفة المستهدفة مهدّدة بالإغلاق مبكراً ما لم تجد منافذ قانونية يمكن من خلالها للبنوك استقبال البلاغات ومتابعتها والتعامل معها بالسرعة والكفاءة المطلوبة. فما هي القصة؟
من حيث المبدأ، يُفترض لغرفة «المركزي» استقبال بلاغات الاحتيال المالي الإلكتروني والتعامل معها بالسرعة والكفاءة المطلوبة على مدار الـ24 ساعة على مدار 7 أيام بالأسبوع، وبمعنى أكثر تبسيطاً سيؤدي وجود الغرفة إلى أنه إذا تم الاحتيال على عميل في بنك «إكس» فيتعين على البنك المستضيف للأموال المحوّلة تجميد هذه المبالغ فوراً، ما يزيد القدرة على الحدّ من تطوّر حالات الاحتيال، وتقليل أضرارها المالية.
لكن حتى تقوم الغرفة المنشودة بدورها المأمول هناك إشكاليات قانونية يتعين أولاً تخطيها مصرفياً حتى يمكن تجميد أموال الاحتيال فوراً دون مخالفة، وهذا يتطلب من الجهات المعنية وعلى رأسها بنك الكويت المركزي تحمل مسؤولية ملء الفراغ القانوني بهذا الخصوص، بإقرار تعليمات تسمح للبنوك بهذه الإجراء.
معالجة الثغرات
وفي غياب هذا التنظيم سيكون الأمر أشبه بالحراك العبثي، أخذاً بالاعتبار أن التأخر في معالجة مثل هذه الثغرات قاد إلى تفاقم حالات الاحتيال محلياً والتي وراح ضحيتها مئات العملاء وعشرات الملايين من الدنانير في العامين الآخرين، فيما أشارت المصادر إلى أنه لا يمكن للبنوك وحدها تحمل عبء التدخل السريع غير المنظم قانونياً ولا رقابياً.
لكن لماذا لا تستطيع البنوك حالياً حبس الأموال الناتجة عن الاحتيال فوراً؟
ربما لا يعد سراً أن تجميد البنوك لأي أموال في حسابات العملاء في المصارف أو في البورصة أو غيرها من الأصول المسجلة يتطلب قانونياً أمراً قضائياً، ولو كان مشتبهاً بها كأموال احتيال أو حتى ناتجة عن عمليات غسل أموال وتمويل الإرهاب، فهكذا القانون يفرض في التصرف بالأموال.
أمر حجز
ونتيجة حتمية تقوم البنوك إجبارياً بعد إبلاغها بعملية الاحتيال أو الاشتباه بالأموال، بإبلاغ النيابة للتحرك من ناحيتها لإصدار أمر حجز لدى البنك المتلقي، وإجرائياً يحتاج إصدار الإذن لنحو 3 أيام، يمكن للمحتال خلالها تحريك أمواله بين أكثر من بنك، وهذا ما يحدث عادة في مسعى منه لشرعنتها، وتسهيل وصولها للمصب النهائي، سواء جاء ذلك بتحويل المبالغ لحسابات بالخارج أو إنفاقها في مشتريات «أونلاين» أو إيداعها بحسابات أخرى أو حتى سحبها «كاش» عن طريق آخرين.
إذاً من دون أمر قضائي أو توجيه من النيابة أو من «المركزي» لا تستطيع البنوك إمساك الأموال أي قبل 3 أيام، وهنا يبرز التحدي أمام كفاءة غرفة «المركزي» وتحصين عملياتها دون الاصطدام بحائط القانون الذي يحافظ على حرية حركة الأموال وحقوق العملاء.
وعملياً، لم يعد هذا النقاش نظرياً، حيث طرحت البنوك مخاوفها في اجتماع عقدته أخيراً مع ممثلي «المركزي» ووزارة الداخلية والنيابة وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، حيث أكدت ضرورة تحصينها قانونياً قبل تفعيل إجراءات الوقائية السريعة في مكافحة الاحتيال المالي حتى وإن كانت فعّالة، لتتمكن من تحقيق المستهدف منها مثل مركز العمليات السعودية.
التحصن تنظيمياً
تنظيمياً ماذا يميز مركز السعودية عن غرفة الكويت؟
معلوم أن البنك المركزي السعودي أنشأ في يوليو 2022 مركز العمليات المشتركة للبنوك السعودية، الذي يُعنى بمتابعة حالات الاحتيال المالي التي قد يتعرّض لها عملاء البنوك ورصدها، حيث يجمع المركز البنوك السعودية كافة تحت سقف واحد في غرفة مُشتركة بهدف تحسين تجربة العملاء ومعالجة حالات الاحتيال المالي المؤكّدة.
والفارق بين هذا المركز والغرفة التي يسعى البنك المركزي لاستنساخ تجربتها محلياً، أن الناظم الرقابي السعودي أصدر تنظيماً ذا طابع أكثر شمولية إجرائياً وقانونياً، تجاوز من خلاله مجرد الإرشاد الرقابي إلى حماية البنوك من مخاطر العودة عليها قضائياً من أي عميل، بخلاف الكويت التي لا تزال تبحث عن مخارج قانونية بعيداً عن إصدار تشريع واضح يحمي البنوك من العمليات غير المؤكّدة، ما يتطلب من «المركزي» اتخاذ خطوات إجرائية تضمن تغطية البنوك قانونياً وتشريعياً لحجز الأموال فوراً.
تعميم التجربة
ولذلك لم تجد البنوك الكويتية حرجاً في التأكيد خلال اجتماعها أنه «إذا كنتم تريدون تعميم التجربة السعودية فعليكم تطبيقها كاملة خصوصاً ما يتعلق بالشق التشريعي، أما دون الحماية القانونية فلا تنتظرون قبول البنوك لفكرة التعرض لمخاطر قانونية قد يترتب عليها تعويضات غير مستحقة».
من ناحيتهم حاول ممثلو «الداخلية» و«النيابة» تهدئة مخاوف البنوك بالإفادة أنهم سيسعون لتقليص الدورة الزمنية المطلوبة لمنح إذن تجميد الأموال، لكن ذلك لا يبدو بنظر البنوك كافياً لإقرارها التجميد الفوري، فلماذا؟
مصرفياً، هناك سبب إضافي يقلل شهية البنوك على تجميد الأموال، باعتبار أنه لا توجد ضمانة للبنوك تؤكد أن جميع بلاغات الأرصدة المقدمة من العملاء مؤكّدة حيث قد لا تخلو من الكيدية أو الناتجة عن خلافات منظورة بالقضاء، ومن ثم تخشى البنوك أن تتضمن عملياتها تنفيذ «بلوك» على أموال يفترض أن يكون قرار البت فيها شأن قضائي منفرد، ما يُدخلها في دائرة الخلاف القضائي مع عملاء من خارج نطاق المحتالين.
فرغم أن الغرفة تضم ممثلين من كل البنوك المحلية وتعمل بالتنسيق مع «الداخلية» والنيابة، إلا أن مخاطر حجز أموال النزاعات القضائية تزيد حساسية المصارف، ما يتطلب تنظيماً قانونياً، أو أقله توجيه رقابي مباشر من «المركزي» يشرعن حجز الأموال.
بالطبع، رصد حالات الاحتيال ومعالجتها واتخاذ التدابير الاحترازية اللازمة لضمان عدم تكرارها، مطلب مستحق، لكن تنظيم الإجراء بآلية قانونية أو رقابية تحدد التعامل مع البلاغات مع المعنيين واتخاذ قرارات التجميد وتوقيتها، وآلية التعامل مع أرقام الهواتف وعناوين مواقع الإنترنت المستخدمة لا يعد رفاهية فكرية بل إجراء يضمن استدامة التطبيق، وتفادي وقفه مستقبلاً بحكم قضائي يصدر لصالح عميل حُجزت أمواله من دون أمر قضائي أو توجيه قانوني.
دراسة وتحليل حالات الاحتيال وفئاتها… المستهدفة
تتضمن مهام الغرفة التي يسعى «المركزي» لتأسيسها دراسة وتحليل حالات الاحتيال والفئة المستهدفة والقنوات التي تتم من خلالها وأساليب وأنماط الاحتيال المتطورة.
ورغم تأكيد «المركزي» أن اهتمامه بالملف لن يتوقف عند التوجيه فقط حسب مصادر مقربة، وأنه وضع ضمن جداوله عقد اجتماع نصف سنوي مع اتحاد المصارف لمتابعة الأداء بصورة دورية، إلا أن من الواضح من أجندة «المركزي» المعلنة حتى الآن أنها لا تتضمن دعمه للغرفة تشريعياً بتبنيه إصدار مشروع قانون لها.
«النيابة» تحذّر من المسؤولية الجزائية عن المشاركة
جماعات إجرامية خارجية تستغل حسابات الأفراد في غسل الأموال

حذّرت النيابة العامة من بعض الجماعات الإجرامية خارج البلاد، تقوم باستغلال الأفراد من خلال إيهامهم بمنح قروض، أو توفير فرص عمل كوسيط مالي، أو المشاركة في عمليات تداول، ثم تطلب منهم فتح حسابات في البنوك الكويتية وتزويدها ببيانات الحسابات، لتتمكن من إدارتها واستغلالها كحسابات عبور في عمليات غسل أموال.
ودعت «النيابة» في بيان لها، إلى عدم الاستجابة لتلك الإعلانات، والحذر من فتح الحسابات البنكية بناءً على رغبة مجهولين، موضحة أن ذلك من شأنه أن يقيم المسؤولية الجزائية عن المشاركة في جرائم غسل الأموال.



Source link

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *