#مقالات رأي

د. شما محمد بن خالد آل نهيان
اليوم

تعتبر العدالـــــة والمســـاواة قيمتيــن أساسيتين في بنية المجتمع الإنساني؛ إذ إنهما تشكلان الأساس الأخلاقي والاجتماعي، الذي يجسد مكانة الإنسان وكرامته. وفي الإمارات العربية المتحدة، تعد هاتان القيمتان مكملتين للتطور الاجتماعي والاقتصادي الرائد، الذي شهده البلد على مر السنوات. فقد كانتا بمثابة «حادي القافلة»، الذي يقود قافلة القيم الإنسانية والحضارة الإماراتية في طريقها عبر صحراء التاريخ، إلى ربوع الحضارة الحديثة.

العدالة هي إحدى القيم الأساسية التي تهدف إلى تحقيق التوازن والنزاهة في المجتمع. وفي هذا السياق، يرى أفلاطون أن العدالة هي الفضيلة الأساسية، وتعتبر «أم الفضائل»، فالعدالة تعني توزيع الأمور وفقاً للحق والضرورة، ويعكس ذلك أهمية توزيع الثروات والفرص بطريقة تكافئ جميع أفراد المجتمع. في الإمارات، تجلى هذا التفكير من خلال سياستها الاقتصادية الرشيدة، والتوجه نحو تقديم الفرص المتساوية إلى جميع مواطنيها؛ لتحقيق طموحاتهم، وتطلعات المجتمع الإماراتي نحو التطور والنمو، وبناء مجتمع قوي متماسك، قادر على الاستمرارية في تطوير حضارته الحديثة، التي يبنيها على أسس وقواعد من القيم والفضائل الإنسانية العميقة.

من ناحية أخرى، تعني المساواة أن جميع الأفراد يتمتعون بحقوق متساوية وفرص متكافئة، وتعتبر قيمة أساسية في الفلسفة الاجتماعية والسياسية، تهدف – في الأساس – إلى تحقيق المعاملة العادلة، والفرص المتساوية، لجميع أفراد المجتمع، بغض النظر عن الاختلافات الشخصية أو الاجتماعية. إن فهم المساواة، وتطبيقها، يعكسان مدى التقدم والعدالة في المجتمع. وتعتبر الإمارات النموذج في العمل بجدية على تحقيق المساواة بين جميع أفراد مجتمعها.

تتجلى قيمتا العدالة والمساواة بالمجتمع الإماراتي في مجموعة من الجوانب المهمة، منها:

– التعليم المتاح للجميع: تولي الإمارات أهمية كبيرة للتعليم، وتسعى إلى توفير فرص التعليم المتاحة للجميع. وتسعى الحكومة إلى تطوير القوى البشرية، من خلال توفير تعليم ذي مستوى عالمي.

– فرص العمل المتساوية: تضمن السياسات الاقتصادية في الإمارات توفير فرص العمل المتساوية لجميع أفراد المجتمع، دون أي تمييز أو تصنيف.

– الرعاية الصحية الشاملة: توفر الإمارات رعاية صحية عالية الجودة لجميع سكانها، بمن في ذلك المقيمون، من خلال منظومة صحية شاملة.

– المساواة بين الجنسين: تعمل الإمارات على تمكين المرأة؛ لتحقيق إمكانياتها الكاملة في جميع المجالات، وحققت الإمارات تطوراً كبيراً في التوازن بين الجنسين.

– العدالة الاجتماعية: تتبنى الإمارات سياسات اجتماعية، تهدف إلى دعم الفئات الضعيفة والمحتاجة في المجتمع من خلال برامج ومشاريع مستدامة.

– تعزيز الثقافات المتعددة: تمتلك الإمارات مجتمعاً متنوعاً من الثقافات والجنسيات، وتسعى الحكومة إلى تعزيز التفاهم، والاحترام المتبادل بين هذه الثقافات، من خلال قيمة التسامح، واحترام الآخر، واليقين الإنساني العميق بالموروث القِيَمي الإماراتي، المؤمن بحق الآخر في الحياة، واحترام هذا الحق من خلال احترام الثقافات المختلفة.

تظل العدالة والمساواة قيمتين موجهتين، ليس فقط إلى المجتمع الإماراتي بل إلى الإنسانية كافة نحو المستقبل الذي يمكن أن تنعم فيه البشرية بالسلام، الذي ظل عصياً طوال تاريخها.. فهل يمكن أن نجد يوماً تحققت فيه العدالة والمساواة بصورتيهما الكاملتين؟!.. كثير من الأمنيات تبدو في لحظة ما مستحيلة، لكن مع التطور والتنامي المعرفي للبشرية ينهار هذا المستحيل، وتصبح واقعاً حقيقياً. سيأتي يوم تقود فيه الإمارات البشرية إلى تلك اللحظة الفارقة من التاريخ، من خلال رسوخ قيمتَي العدالة والمساواة في موروث المجتمع الإماراتي.