TodayPic

مجلة اخبارية

الاقتصاد

الاقتصاد العالمي سيشهد تعافياً 2024… وإن تفاوت


لم تكن التوقعات الاقتصادية لعام 2024 مبشّرة جداً قبل دخول تطور ساهم ليس فقط في إعادة النظر بتلك التوقعات باتجاه الأسوأ بل أيضاً في إضافة قتامة مؤكدة على ما سيأتي به العام الجديد.
هذا التطور هو تدهور الوضع الأمني في منطقة الشرق الأوسط مع كل ما ينطوي عليه من احتمال امتداد النزاع إلى مناطق أخرى بالعالم وأيضاً من احتمال أن يطول أمده. هذا سينعكس بالطبع على الميزة الأساسية التي تتسم بها المنطقة والمتمثلة في تأثيرها على سوق النفط العالمية واحتمال أن تؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط سيؤثر حتماً على آفاق الاقتصاد العالمي بأسره.
ولكن الصورة كما يراها موقع «فانغارد» ليست قاتمة كلياً، فعامل أسعار الفائدة المرتفعة سيبقى. وحتى وإن طرأ انخفاض عليها في 2024 كما هو متوقع فإنها ستبقى أعلى من المستويات المألوفة منذ الأزمة المالية العالمية 2008. وأن هذا الارتفاع ستكون له مضامينه العميقة بالنسبة للاقتصاد العالمي وأسواق المال.
وسيكون من النتائج الإيجابية لذلك تعديل سلوك الاقتراض والادخار كما أن رأس المال سيتم تخصيصه بحكمة أكبر وستدخل تعديلات على توقعات عائدات الأصول. ومضى الموقع إلى التنبؤ بأن يكون مناخ أسعار الفائدة المرتفعة في مصلحة المستثمرين الساعين لتحقيق أهدافهم المالية في المدى الطويل.
ولاحظ الموقع أن الاقتصاد العالمي أثبت أنه أشد مرونة في 2023 مما كان متوقعاً، مرجعاً جانباً من ذلك إلى أن السياسة النقدية كانت أقل تقييداً ما كان يظن أول الأمر.
اقتصادات الخليج
والتكتل الذي تتجه اليه الأنظار دائماً هو دول الخليج العربية وذلك لأسباب في طليعتها أن الدول الأعضاء الست مسؤولة عن إنتاج جزء كبير من الاستهلاك العالمي للنفط، يضاف إلى ذلك الموقع الذي يعطي المنطقة أهمية جيوسياسية وإستراتيجية كبيرة.
ومع وجود شبه إجماع من المراقبين على أن قطاع النفط في دول المجلس، أسوة بقطاعات النفط العالمية عموماً، خسر جزءاً من أهميته بسبب الاتجاه العالمي للتحول عن الوقود الأحفوري إلى الطاقة البديلة، فإن المحللين يراقبون عن كثب كيفية تعامل دول التعاون مع هذا الواقع الجديد وبشكل خاص تطبيق هذه الدول لسياسات رامية إلى تقليص اعتمادها على النفط من خلال تنويع اقتصاداتها.
ويبدو أن دول الخليج أخذت تحقق تقدماً ملحوظاً في مجال تعزيز اقتصاداتها غير النفطية. وحسب آخر تقرير للبنك الدولي سجلت القطاعات غير النفطية نمواً ساهم في التعويض عن الانكماش الذي شهده قطاع النفط بسبب التباطؤ الاقتصادي العالمي وتخفيضات «أوبك بلس» للإنتاج.
وبلغ نمو القطاع الاقتصادي غير النفطي في دول المجلس خلال 2023 نحو 3.9 في المئة مقابل نمو بنسبة 1 في المئة فقط بالاقتصاد النفطي. وتوقع البنك استمرار وتيرة النمو في القطاع غير النفطي لتصل في المدى المتوسط إلى حدود 3.4 في المئة بدعم من الاستهلاك الداخلي القوي والاستثمارات الإستراتيجية الثابتة والسياسات المالية الحصيفة.
إضافة الى النمو الحثيث للاقتصادات غير النفطية الخليجية رصد البنك الدولي تحسناً كبيراً في نمو القوة العاملة في السعودية بوجه خاص إذ بلغ حجم هذه القوة 2.6 مليون أوائل 2023، وشكلت اليد العاملة النسائية السعودية جزءاً مهماً من ذلك النمو محققة تضاعفاً في النمو خلال 6 سنوات من 17.4 في المئة في أوائل 2017 الى 36 في المئة بالربع الأول من 2023.
ويعد هذا حسب يوهانس كوتل من البنك الدولي إنجازاً لافتاً ينطوي على دروس بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والعالم. ولاحظ البنك أن الزيادة الملحوظة في مشاركة المرأة السعودية في القوة العاملة لم تؤد إلى زيادة في معدل البطالة بل ترافقت مع تناقص في ذلك المعدل.
وفي ما يتعلق بالكويت توقع تقرير البنك الدولي تعافيا في نمو إجمالي الناتج المحلي بـ2024 مع احتمال تخفيف حصص خفض الإنتاج والتشغيل الكامل لمصفاة الزور، وسيترافق ذلك مع نمو كبير للقطاع غير النفطي يقدر بـ5.2 في المئة بدفع من الاستهلاك الخاص والسياسة المالية غير المتشددة.
عوامل حاسمة
ويبقى النفط واحداً من العوامل الحاسمة في المشهد الاقتصادي العالمي ومحط كل الأنظار في التوقعات. وحسب ما نقل موقع «مينت» عن وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني فإن نمو الناتج المحلي العالمي بـ2024 سيقتصرعلى 0.4 نقاط مئوية انطلاقاً من توقعات الوكالة بأن سعر برميل النفط سيرتفع ليبلغ في المتوسط 120 دولاراً للبرميل وذلك بسبب التوترات في منطقة الشرق الأوسط.
وهذا يعني ضمنياً أن بقاء سعر البرميل بـ2024 في حدود 75 دولاراً للبرميل سيشكل ركيزة قوية في دعم النمو العالمي وبشكل خاص في ضبط معدلات التضخم التي ارتفعت بحدة خلال العامين الماضيين. ولكن الزيادة المتوقعة في الطلب العالمي على النفط سيواكبها استمرار أوبك بلس في سياسة تقليص الإنتاج الرامية إلى المحافظة على التوازن في أسعار النفط العالمية.
ومن المعروف أن تقليص إنتاج المنظمة يتكون من تقليص حصص الإنتاج لمعظم دولها من جهة ومن التخفيضات الطوعية التي تقودها المملكة العربية السعودية وروسيا.
تكتلات سياسية
ولا بد في وسط هذه الرؤية القاتمة من التطلع إلى أداء واحد من التكتلات السياسية المهمة في عالم اليوم وهو مجموعة بريكس المكونة من 5 دول هي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا، والتي أعلنت أخيراً عن انضمام 6 دول جديدة إليها هي السعودية وإيران ومصر والأرجنتين والإمارات وإثيوبيا. ورغم أن غلبة الطابع السياسي أكثر من الاقتصادي على هذا التكتل، لا يمكن تجاهل حقيقة أن التكتل بتوسعته الجديدة يمثل نحو 45 في المئة من عدد سكان العالم وما يزيد على 40 في المئة من الإنتاج العالمي من النفط ونحو ثلث إجمالي الناتج المحلي العالمي.
هنا تبدو الصورة أكثر إشراقاً حسب توقعات موقع «فوكس إيكوموميكس» التي ترجح أن يكون متوسط النمو الاقتصادي للمجموعة أعلى بشكل ملحوظ من المتوسط العالمي. ورغم الاتجاه المطرد لدول «بريكس» إلى استخدام عملاتها المحلية في التبادل التجاري في ما بينها لتقليص اعتمادها على الدولار فإن التوقعات تشير إلى أن الدولار سيبقى عملة الاحتياط العالمية في المدى المنظور، وهذا يدعم النظرة إلى «بريكس» على أنه لا يزال تكتلاً سياسياً أكثر من كونه تكتلاً اقتصادياً.



Source link

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *