TodayPic

مجلة اخبارية

منوعات

زهرة الخليج – نوف العماري: التحديات صنعت حقيقتي


#تحقيقات وحوارات

نوف العماري نموذج ملهم للمرأة الكويتية، تخرجت في كلية الحقوق، وكانت أول عربية تعمل في المكتب العالمي لتميز الخدمات العامة التابع للأمم المتحدة في سنغافورة.. هي امرأة تجمع العديد من المتناقضات في شخصية منسجمة متجانسة متصالحة مع ذاتها إلى أبعد الحدود، ومنفتحة على الحياة بشكل استثنائي، وقيادية ومؤثرة اجتماعية. تفرغت، مؤخراً، للعمل على إصدار كتابها الأول،

إضافة إلى مساهمتها المجتمعية، من خلال دعم الشباب الذين يعانون عدم الثقة بالنفس، والتواصل مع الآخرين

من خلال مجموعة «I Speak leaders Hub».. «زهرة الخليج» التقتها؛ فكان هذا الحوار:

ما الحالة التي تحبين وصف نفسك بها؟ أحب أن أكون «حقيقية» ببساطة شديدة، فهذا ما توصلت إليه مع نفسي ولنفسي، فأنا أحب أن أكون صادقة مع نفسي، وكل من حولي، ما انعكس على منظوري إلى جوانب الحياة كافة، فلن يكون في حياتك أي مثالية، أو تقنع، أو شخصيات مزيفة، وهذا يبعث على الشعور بالسكينة، والسلام الداخلي.

حدثينا عن نشأتك، ومراحل طفولتك! أنا امرأة من جيل الثمانينات، الذي عاش التحولات بكل أشكالها، تنعمت بالثراء المعنوي الذي تسلل إلى داخلي، وكنت الطفلة الكبرى لوالدين، أحبهما كثيراً؛ فكلاهما يحب الكتابة، والكتابة بالنسبة لي ليست وحياً أدبياً فحسب، وإنما عنصر جيني، ورثته من والديِّ.

بماذا اتسمت طفولتك؟ طفولتي كانت مليئة بالخيال؛ فقد كنت أحب اللعب في الحديقة المقابلة لبيت جدي، رحمه الله، وهذا جعلني أقرب إلى الطبيعة، كما كنت مولعة بالقصص والمسلسلات الكرتونية، ما زاد حبي للغة العربية، وجعل لها مكانة خاصة لديَّ. كما أحب كثيراً ركوب الدراجة الهوائية، والجلوس على سطح المنزل، وتأمل السماء في طقوس طفولية خاصة، ما أوجد مبكراً متعة التأمل والاختلاء مع نفسي. الطفولة بالنسبة لي كانت مرحلة الخيال، وولادة الصلة مع ذاتي الصغيرة.

قائد الحلم

كيف اخترت تخصصك الدراسي، وما أثره في حبك وشغفك بالقراءة؟ شغف القراءة حب طفولي؛ فالمكتبة كانت – ولاتزال – مكاني المفضل. أما تخصص الدراسة (الحقوق)، فلم يكن «عن سابق إصرار»، فالأولوية كانت لدراسة علم النفس، وبعدها إدارة الأعمال، لكنني وجدت اسمي في قائمة المختارين لكلية الحقوق، ولأنني أحب التجربة لم أتردد في دراسة القانون؛ فهذا المؤهل العلمي دعم العديد من الخيارات الأخرى، لكنه «خيار ذاتي، وليس حلماً»، فالحلم كان دائماً الكتابة.

ما قصة لقب «قائد الحلم»، وما حلمك؟ «قائد الحلم» ورشة تفاعلية مبتكرة، بالتعاون مع وزارة الشباب في الكويت، هدفها تمكين القائد بداخلك؛ لتحقيق حلم استثنائي لخدمة المجتمع. الأحلام ليست فردية أو ذاتية، إنما هي توسعية، خاصة حينما يتعامل معها الإنسان بمنظور القائد الذي بداخله، فتكون للحلم صبغة التأثير في حياة الآخرين، وتعريف القيادة في «القائد الحلم» لا يتطلب – بالضرورة – منصباً؛ لأن القيادة مسؤولية أساساً، وشعور عميق بالتواصل الفعلي مع الآخرين، إنها صناعة حقيقية للثقة والتأثير. بالنسبة لي، الكتابة حلمي بصفة استثنائية.

ما مفهومك عن الجمال، والحب، والنور؟ الجمال، والحب، والنور، تتجسد في روح المرأة، لكن ليست أي امرأة، فقط المرأة التي تعيش حقيقتها بالكامل، فالمرأة يمكن أن تعيش تلك المفاهيم؛ لتتحول بنفسها لتجسد الجمال؛ فتجدها ليست جميلة فحسب، بل تضفي الجمال على كل شيء تملسه، حتى الحب دوماً تشعر فيه بقربها، وأنها ممتلئة به حتى الفيض. أما النور، فمهما كنت معتماً أو مظلماً، يمكن لهذه المرأة أن تنيرك، فأينما تقع فإنها تبعث النور، فالمرأة عبر هذه الثلاثية الجميلة ليست مجرد جسد وعقل وقلب، وإنما هي روح الجمال والحب والنور، وأصلها.

هل أنت إنسانة حالمة، لا تعيش مشاكل الحياة؟ أن تكون حالماً لا يعني أن تكون بعيداً عن الواقع، فالواقع لا يتضمن المشاكل فحسب، وإنما الحلول أيضاً، وكل ما مر بي من تحديات وصعوبات صنع حقيقتي.

عزلة ذاتية 

حدثينا عن محطاتك الحياتية المختلفة، التي صنعت نقاط التحول في شخصيتك! كنت أول كويتية وعربية، تم تصنيفها من قبل الأمم المتحدة للعمل في «المركز الدولي لتميز الخدمات العامة» (Global Centre for Public Service Excellence-GCPSE)، وهذه كانت البداية. فالسفر إلى دول متعددة الثقافات، مثل سنغافورة، في حد ذاته يمنح الروح غنى معنوياً، يجعلك مُنفتحاً على ثقافات وخلفيات إنسانية عدة، ودعم ذلك بالعمل في منظمة الأمم المتحدة ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، ما عزز لديّ الانفتاح الإنساني، هنالك أيضاً «الإبداع» بعملي كموظف تطوير أداء ومحلل برامج ومشاريع، فأصبحت ممارسة العمل الإبداعي وظيفة يومية، وهذا أكثر ما أحبه للخروج عن المألوف، والتجدد بواقعية.

كيف يمكن تحويل مشكلة ما إلى فرصة؟ أن تكون مدركاً لفكرة أنك مخلوق تطوري، فالتطور سمة مستمرة مادمت على قيد الحياة، وامتلاكك الوعي أو عقلية «الكايزن» (Kaizen)، حسب المفهوم الياباني «التطور.. والتحسين المستمر»، وبالتالي ستكون مُنفتحاً على مختلف التجارب والدروس المستخلصة منها، وذلك يمنحك القدرة على تحويل التحديات إلى فرص ثمينة.

كلماتك دوماً فلسفية وعميقة.. هل هذه فطرة إنسانية، أم مهارة مكتسبة؟ ربما مزيج منهما، لكن سأعول أكثر على المهارة المكتسبة؛ لأن الفطرة كلنا نولد عليها، حيث كنا أطفالاً ولدينا هذه التلقائية الفضولية للحياة، لكن المهارة تراكمية، وحتماً القراءة كان لها دور عظيم في ذلك.

نراكِ وسط الكتب، فهل هذا إعلان عن حبك الوحدة؟ بطبيعتي أنا إنسانة مرهفة الحس، والاستغراق يتطلب وجود كتاب بين يديَّ، ولا يمكن أن أعتبر الشغف بالقراءة أو الكتابة إعلاناً عن الوحدة، بقدر ما يكون عزلة ذاتية مختارة، فعند القراءة يرافقك كاتب الكتاب، وبالكتابة ترافقك أفكارك ومشاعرك وكل ما تكتبه، فالوحدة أبعد ما تكون عن حياة الكاتب أو القارئ، فهو يكون في عالم خاص به، قد لا يصل إليه الآخرون حينها. جميعنا محتاجون إلى ذلك في حياتنا، وأعتبر هذا أحد أشكال الاتزان الداخلي.

رسالة مؤثرة

ما المهارات التي تعلمتها؛ للمحافظة على مزاج جيد؟ ليست مهارات بقدر ما هي ممارسات تحولت إلى عادات، وهي تختلف من شخص إلى آخر. بالنسبة لي، المشي خاصة في الطبيعة، والجلوس في سكون لمدة ما، والسباحة، والطبخ، وكذلك الكتابة للتفريغ والاستشفاء. أحب كثيراً رواية «الخيميائي» للكاتب البرازيلي باولو كويلو؛ لذلك أعود إلى قراءتها كثيراً.

متى، وأين تكتبين، وكيف يأتيك الإلهام؟ ليس هنالك أين ومتى مع الكتابة، فأحياناً كلمة أو صورة أو أغنية أو رائحة أو طعم، تثير فيك مشهداً متكاملاً، وإذا بدأت فلا تستطيع التوقف. حالياً، أحاول – قدر الإمكان – أن أجعل الكتابة طقساً يومياً، دون الاعتماد على وحي الإلهام كثيراً، الذي يغيب مع مشاغل الحياة. أما الإلهام، فيأتيني بالسفر، وحينما أكون محاطة بالفنون المختلفة.

كيف يحتفظ الإنسان بسلامه النفسي، وسط ضجيج العالم الافتراضي؟ أن يحمل وجوده في العالم الافتراضي رسالة فعلية ومؤثرة، وليس عبثياً، وبالتالي يكون ذلك العالم تحت سيطرته؛ لأنه يتحول إلى خادم لغرض ورسالة وجودك من الحياة. أما السلام النفسي، فيجب أن تكون حقيقياً مع نفسك، وإذا وجدت صعوبة في ذلك، فلا ضير من طلب مساعدة متخصص في هذا المجال.



Source link

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *