TodayPic

مجلة اخبارية

منوعات

شبيب الأمين يزرع الألغام في جسد الشعر في “رجل للبيع يهزأ بالأبد”


عندما تحاول قراءة شبيب الأمين وهو يطلق الرصاص على أزرار الكيبورد التي خطفت الكتابة روحها المتمردة ودجنتها في صفحات منمقة تدعي المعنى، تجد نفسك أمام رجلٍ يكتب مترصداً القارئ أن يفك رموز قصائده، يزرع الطريق بالألغام ليغري ثغرات الذاكرة، وتلك الإحباطات وأكوام من الألم اعتدنا أن نغطيها بالمساحيق غالية الثمن، والعطور الفرنسية التي أصبحت اليوم مسكنات معتمدة نرفعها في وجه الأسئلة، فتصمت الحواس.

توقفت كثيراً وأنا أتجول في حي شبيب العصي ذاك، كزائرة للمرة الأولى، أحاول التجسس على حي بلافتات تحمل أسماء الأموات وحكاياتهم، أتتبع وقع ترنيمة الهزائم ذاتها تنتقل معي ما بين حطام قصيدة وأخرى، لم أحاول تقصي الوضوح هناك، متعمدة التلذذ بضياعي في تلك المنحدرات، مستسلمة أمام وابل من بورتريهات اليأس تلك، لم أحاول حفظ أيٍ منها خشية أن أفقد ألم القراءة الثانية وكل الحكايات التي اختبأت خلف كل سطر.

“في الطريق.. تساقط مطر وأصدقاء” كانت أسماءهم أشبه بمفاتيح شيفرة لهذا الكل المتصل، فاللحن السريالي الذي يرافقك متنقلاً ما بين قصيدة وأخرى، لا يعطيك إيعازاً بهوياتهم، لكنه يجعلك تشعر بأنهم حاضرون بحضوره، وعبثاً يحاول التخفف من وجع فقدهم بالكتابة، فـ”الدخان الذي يعلو، يؤكد أنني قطار.. وأنني أنقل حشداً من ضحايا فوق كتفي، وتحت عجلاتي يبست أعشاب الأرض”. وأسماءهم كانت هناك، حاضرة في شهقات القصيدة، يمنحها امتداداً في الحاضر بين فصل وآخر، وكأنه يصّر على الاحتفاظ بهم أحياء من خلاله، لكنه سرعان ما يستعيد عدميته الأم، محاولاً نفي هذا الوجود المتداخل بنزقٍ ينسجم بلا شك مع هذا الحضور العبثي الساحر، والذي نستشعره بشدة في عبارته “كلمات كأمل نفق داخل كتاب”.



Source link

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *